Skip to main content

أقام معرضه الاستعادي في المتحف الوطني الأردني

الفنان التشكيلي :علي طالب هواجس ذهنية بين دلالة الرأس والجسد

محمد العامري

لم يتخل الفنان علي طالب "1944" عن هواجسه التي تلاحقه في مسيرته الفنية الطويلة والتي تمثلت في غالبها تشخيصيات مرمزة ومشفرة، التشخيص الذي يجاري التجريدية في اختزال الخطوط والأشكال وتداخلاتها مع المساحة العامة للعمل، هو ذلك الكائن التأليفي الذي يخلق من قصة عشق مساحة لتشفيرها فنيا ويعاود حك تلك المساحة عبر تقنيات تراكمية تعطي سطوحه التصويرية قيمة مضافة على الموضوع، كأنه حفّار أراد لنفسه أن يكشط الأشكال الغائبة في طبقات التقنية ويعيد حضورها إلى العيان.

فالفنان علي طالب يقدم مساحة من الأسئلة في كل عمل دون التورط بالمكاشفة المباشرة، يعوّل على قدرة المتلقي على التأويل والكشف عن إشراقات العمل المحمّل بطبقات مركبة من الأصباغ والألياف والأكاسيد كأنه يقتطع من ارض صخرية مساحة ليحفر فيها كاشفا عن معانٍ متوالدة لا نهايات لها.

تلك الحفريات اللونية المركبة هي محض بحث عن غرابة ما في طبيعة التمظهر البصري للمساحة ذاتها واعطاء تلك المساحة قيمة جاذبة للعين للتحديق في تفاصيل تلك الحفريات التقنوية، حيث تتحرك الأفكار لديه عبر أبعاد فكرية وفلسفية يحققها عبر رؤية جمالية تنبي في سياق عناصر اللوحة التي أصبحت جزء أساسيا من صفات أعماله مثل الرأس واليد والبروفايل"وجه" والجسد المتشظي والوردة والمرأة والبيضة وتحولاتها الفكرية في قصة الخلق ومواصلة الحياة، فهي عناصر جامعة لنطاق الحقيقة وخارجها، وتبدو التعبيرية في مشهدياتها المتحولة والمحورة كسياق عام لصياغات العمل الذي يجمع بين مزاجين متفقين مزاج البناء الغرافيكي وبنائية الرسم والتلوين، فكانت تعبيريته خارج مسار التعبيرية المتعارف عليها تعبيرية مقترحة تخص علي طالب،  وهذا نوع من مؤشرات اذكاء التأويل المتوالد والذي يقودنا إلى محمولات مركبة في تفكيك العمل الفني لدى علي طالب، كمن يشعل فكرة ما لتبدأ تداعياتها في سياقات الخطوط والمساحات والفراغ والتركيز على متن ما في العمل عبر قوة اللون ولمعانه المعدني،  منتقلا في سير منظومات غير محددة كناقل للمشاعر العاطفية والنفسية الملغزة، والمهم في تجربة الفنان علي طالب هي السياق التجريبي في كل لوحة حيث يشكل التجريب ثيمة أساسية تقوده لعوالم مدهشة وبما تكون في بعض الأحايين صدفوية لكنه يعيدها إلى سياق بنائه الفني الذي عرف به.

 وها هويقدم لنا في صالات المتحف الاردني الثلاث مجموعة من تاريخه الفني الذي سار في مسارات تراكمية تدلل على أصالة التجربة في طرائق معالجة الاشكال والتقنيات التي سارت معه من الستينيات من القرن الفارط ، فعمله يتقد عبر مجموعة من الشبكات الخطية التراكمية التي تتحول في مساحات التخفي والظهور،  طبائع العناصر ووجودها في مساحة السطح التصويري، محبرا بذلك رحلة الشقاء النفسي وما تعرضت له الذات العراقية من حرائق سيكولوجية وهجرات متواصلة ومتقطعة كان لها أكبر التأثير في طبيعة عناصر اللوحة وتعبيريتها اللحظية والبعيدة التي شربت من تنويعات التصميم الطباعي والحس الغرافيكي في بناء العناصر ليخرج بتأليف يخص علي طالب، فقد جال في تجريبية مع النحت والتخطيط والبوستر والخزف والغرافيك كل تلك التجريبية كانت بمثابة مشارب مهمة ساهمت في إثراء عمله الفني.

لذاك كان أقرب إلى اللوحة التأليفية التي يجترحها علي طالب والتي ساعدت في حمل أفكاره وفلسفته في طبيعة الموضوع المطروح، وهو جزء من مميزات عمله الفني.

 التبادل المعرفي بين البصري والذاتوي:

يذهب علي طالب في تجربته إلى الفعل الذاتوي في تفكيك شيفرة اللوحة عبر مجموعة من الاجتراحات التقنوية التي تتغذى من معارفه وخبراته في أنواع الاداء المتعدد والذي يسهم في إعطاء عمله الفني طبيعة خصبة للمتعة البصرية المركبة، متعة تذهب إلى الحفر في أديم اللوحة للوصول إلى أسرارها المعقدة والمركبة، فهو حصيلة تفاعل متنوع بين خطاب البيئة وتاملاته في طبيعة الوجود الكوني وموقفه الشخصي منه، فلم تنعزل الذات عن مفاهيم ذاتية في مسألة الحب وموقفها من البؤس وقضايا الإنسان المعاصرة وصولا للمنداد التاريخاني للعمل الفني.

لذلك نجد سطوحه التصويرية هي بمثابة تضاريس ذات طبقات عديدة مبنية على صورة الأثر الظاهر والممحي في الذكريات، حيث تواكب سينوغرافية في  التطور الأسلوبي المتعدد الملظوم بسياق منحد في طبيعة المعالجات والبناء، وذلك بما يتجاوز الأكاديميات التقليدية في اللوحة والتي تمثل البوابة المنفتحة على  شتى تيارات الحداثة في مواضيع فنية عديدة كالنحت الجديد والخزف والرسم والغرافيك حيث تجتمع كل تلك الحيوات في مسار واحد يعبر بشكل جلّي عن أسلوبية متحققة حيث نجده يتحول بأسئلته الجمالية من المرسوم خطياً إلى المنحوت بأبعادة المتصادية في وجودها،  فالرأس الشاهق باتجاهه غلى الفراغ العلوي هو محض تيه بعيد في فلك السؤال، رأس يعرج بنظرته إلى قبة بعيدة، مسافة الفراغ في العروج بين الأرضي والسماوي، رأس يسير في أكثر من معنى ومحمول، ففي كثير من الاحيان يتحول إلى سطح يستقبل جميع عناصر العمل الفني محتفظا بشكله الخارجي، يتحول كأس يبث ما في جمجمته من هواجس وأفكار وأسئلة،حيث يتمظر جسد المرأة داخل مساحة الرأس وتتحول تلك المرأة المغناج إلى محمول فكري وإغرائي في مشهدية الجسلسة وتحولاتها اللينة، كما لو انه يشير إلى عضوية العلاقة بين أنثوية الشكل وذكورية التفكير فيه، كتراث انشغل فيه الفكر العربي عامة، بل امتد إلى بعض الطقوسيات الدينية عبر التاريخ، فقد شكّل الرأس المقطوع، بحضوره المأساوي مساحة من التراجيديا التشكيلية التي تعيدنا إلى معانٍ معتقدية وسياسية، حيث تتوحد مأساة الكائن في صيرورة المجهول المخيف،  إنها الفكرة الملتحمة مع غموض وجوده ومعاناته السيزيفية، تتحقق من خلال محمولات تشفيرية وجمالية، هذا الرأس الذي أصبح إناء لمعان وأفكار مركبة، حيث نرى إلى تحولات عديدة في وجوده البصري والفكري.

فتارة يظهر الرأس كمساحة تصويرية تستقبل عناصر تكوينية وأفكار كمساحة اللوحة ذاتها لكنها بصيغة الرأس بخطوطه الخارجية وتارة أخرى يظهر كرأس مجرد أو يمتلك بعض الملامح المختزلة  كتحولات حيوية تتبادل فاعليتها التعبيرية، لكننا نوجه في العادة رأسا مبهما يدرج في ذاكرتنا كمحور للتفكير والاستهداف، فكم من رأسٍ قُطِعت نتيجة تلك الأفكار التي يحملها، فهو محور ضرورة في حياة الأنسان، بل هو مركز التحليل والمواقف والثورات والاعتقاد والتمرد والخوف كذلك.

هو منطقة للتعريف بما يحمل من هيئة، فالهيئة بلا رأس لا اسم لها، فجاءت رؤوس علي طالب كي تقدم سؤالا مركبا ومتوالدا، أسئلة نَمَتْ في الرؤوس كرموز تعبر عن وجودنا بأبعادها اللانهائية.

فقد كسر الفنان في تلك الرؤوس مفاهيم العمل الأكاديمي عبر التحوير وإثارة التعبير القوي الذي يعبر عن الموضوع المطروح بصورة تعبيرية فاعلة، فالعين المفزوعة في الرأس تعبر عن قوة في التعبير الخرائبي بما يواجهه الإنسان، كما فعل الفنان الاسباني غويا في لوحة إعدام الثوار حيث تبدو الوجوه والأعين مفزوعة من لحظة مواجهة الموت "الإعدام" .

كذلك نرى إلى الرأس المتفاعل مع الفضاء الخارجي، حيث تتدخل الطبيعة من غبار وهواء وعوامل تعرية وأعشاب نابتة في الرأس وثقوبه، حيث تتحول منحوتة الراس إلى مساحة للتلامس والتفاعل المباشر الشكل والكتلة والملمس بأنواعه، حيث ينسرب الرمز الفلسفي كمسار إلى ذهنية المشاهد عبر تفحص الرأس في مقاربات بين الذاكرة والواقع، كنظام فكري ينتظم في سياق ثقافة المتلقي، رأس ينظر إلى أفق الطيران متحررا من هواجس جدران العروض المغلقة، يحتك مباشرة مع الهواء وزخّات المطر المتتالي والمتقطع ليصبح خزّانا من العلامات والحيوية المتحولة والمتبدلة، طقاة الطبيعة التي تتدخل في مكونات وجوده الفلسفي في فراغ الحديقة، يقدم هذا الرأس المعشوشب قدرة كامنة لأسئلة ربما تكون فطرية وفي بعضها عميقة، لكنه يبقى صامدا امام كل تلك المناكفات التي يتعرض لها من أنفاس المشاة وعبث الأطفال.

تحولات الرأس في السطح التصويري:

لم يترك على طالب لحظة في غبطة الرسم إلا وكان الرأس أو الوجه مرآة لمخيلته، كنرسيس الذي أطال النظر إلى وجهه في إرتجاج الماء، حيث يتحول الرأس إلى مساحات أكثر نعومة وغنجا من خلال المقطع الجانبي للرأس "بروفايل" حيث يتبدل المشهد الذكوري للرأس ليستحيل إلى وجه انثوي مشوب بالعشق والفقد، رومانسية من نوع جارح، وجه متوج بإكليل من الزهور التي جاءت بمشهد تاج يعتلي الرأس، الوجه الصامت والمتأمل في جدار قد طاله الصمت كذلك.

حيث يغرق الجسد في ألوان داكنة ليبرز الوجه بصورة القداسة والجلال، كما لو ان ذلك الوجه المتأمل يواجه مرآته الحقيقية عاكسا البعد النفسي في وجوده، حالة التصلب الصامت والمعبأة بطاقة تعبيرية قوية تكاد ان تنفجر في لحظة ما.

حتى يصبح عنصرا ايحائيا يغرق بمنطق الرومانسية الفردية، محققا حضوره الذاتوي المشوب بشهوانية استيهامية ومكتومة،  ممتلئا بالرغبة الثاوية المتحققة بحيوية الألوان وقوة وجودها .

تشير الناقدة مي مظلر إلى تلك المسالة بقولها:"يتكرر الرأس والمرأة في أعمال علي طالب بشكل أو بآخر، وكلاهما موضوع قديم جديد لديه. فالفرد هنا كيان حاضر شكلا وغائب مضمونًا، لأنه في واقع الأمر كيان مغّيب: فهو إما رأس مغرق بالتفاصيل (الذكريات) الكثيفة التي تحجب ملامحه فتحيله إلى شكل متحجر، أو امرأة تتخفى تحت قناع أو زينة مبهرجة، وفي كلا الحالين تبدو الحقيقة ملتبسة، وذلك ما يجعل المشاهدة أو المشاهد طرفًا في لعبة الحضور والغياب".

إنها السياق  المرآوي الذي  تسعى إلى إظهار الإرث البصري المتمثل في طبيعة معالجة الموضوع الذي يحمل في عناصره مجموعة من الرسائل الجمالية والعاطفية والسياسية في آن واحد.

تحولات الرؤوس المبصرة ألى رؤوس عمياء تحلم بالحياة:

إن تلك الرؤوس العماء أو المعماة هي تحول جديد لدى علي طالب وهي رؤوس ملغزة تحيلنا إلى مشاهد أبو غريب ومشهدية الموت القسري والإعدام الذي انتشر في صفوف التيارات الداعشية وغيرها من التيارات المتزمة وصولا إلى اعدامات السلطات السياسية لمعارضيها.

حيث يشكل الغطاء الذي يحتل العينين صورة تراجيدية أخرى من الأفكار التي يقدمها علي طالب في أعماله، فهو الحاجز الذي يقف بين الفكر والخارج، حاجز مانع لرؤية الحقيقة، والذي يعكس ما نعيشه اليوم في زمن  بات فيه الألم يشكل حيزا هامّا جرّاء الاحتلال والحرب والارهاب والاضطهاد والتمييز العنصري والقمع والانتهاك المستمر لحرية الفرد، مما أحدث إختلالا بائنا في المنظومة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والابداعية كذلك،  ذلك إضافة إلى مجموعة التراكمات والتبعيّة والذي أفضى  إلى توتّرات نفسية والام ومعاناة، فالألم  شكل المحرّك الرئيس للابداع الانساني بوصف الفنان غير منعزل عن ما يدور فيه وحوله.

حيث يتحوّل الألم الى نتاج ابداعي  توّاق لترسيخ وتجسيد تلك المشاعر المؤلمة، والفنان علي طالب هو ابن مأساة العراق عبر تحولاتها السياسية وما وقع عليها من ارهاب سياسي واجتماعي وصولا إلى تداعيات الاحتلال الامريكي للعراق ومخرجات الوحشية في سجن ابو غريب.

الجسد وتحولاته في الظهور والمحو:

تأخذ تمثلات الجسد في اعمال علي طالب مساحة مهمة في بلورة مفاهيمه المعرفية والثقافية عبر تأ كيد الجانب الانساني، وهو بمثابة مُرسِل للأفكار ومحفز للأسئلة، فالجسد لديه ليس جسدا واقعيا بقدر ما هو متخيل ينتمي إلى واقعه، حيث يتحول الجسد في سياق شجرة ممتلكا مجموعة من الأرجل تشير إلى حركة المشي وتردداته من خلال متوالية تكرارية في منطقة الأرجل، الأرجل التي أحالتنا إلى فكرة الحركة الأقرب إلى لقطة سينمائية ومتوالية لفعل واحد.

فلم يعد الجسد الذي يقدمه علي طالب ذلك الجسد المعتاد أو الجسد المرئي الذي نعرفه، بل هو ذلك الشكل الذي يحمل صفات الجسد لكنه بتاريخ جديد يتحول في وجوده عبر حركات اختزالية في الخطوط والفعل الغرافيكي الحاد.

جسد بملامح ممحية ينتظر وفي جانبه عنصر السفر والارتحال "حقيبة" حيث تتداخل الخطوط وتتماهى ليستحيل الشكل إلى فزاعة بلا ملامح لكنه يعبر عن صورة التيه والضياع، التيه الذي ينسجم تماما مع منظومة الخطاب الموجود في مجموعة "العمى" .

يؤكد علي طالب على منظومة من الجماليات التي تقول وجودها في جملة واحدة حيث يتكرر الجسد المنهك والمهزوم، جسد الفزاعة التي تضربها الرياح العاتية، جسد متهالك وتراجيدي، ينحول إلى بناء مركزي ورمزي يعبر عن حالة جمعية وسايكولوجية، جسد بلا رغبة، فما يقدمه هو محض جسد خرائبي يعلن عن نسيانه وانمحائه في مهجوس الهزيمة،كما لو أننا أمام  كوريغرافيا الكلاسيكية صامتة ومتسمرة، تتحقق عبر منظومة الوسائط التعبيرية، فهو فعل كرونولوجي

لوجود تلك الأجساد المأساوية.

لكننا في مواقع أخرى يتحول الجسد إلى جسد أمومي أقل قسوة من الأجساد الأخرى، ففي لوحة الأم يتحول الجسد إلى رحم بلا ملامح مستعيضا عن ملامعه بعناصر الحمل والثديين والهالة الأقرب لفعل التقديس، فقد اخرج الأمومة من مفهومها الواقها إلى تاريخ جديد أقرب إلى الأيقونة المقدسة.

تلك الأيقونة التي تشخب من صدرها دماً وهي دلالة على العطاء اللانهائي، جسد أكثر لينا ورؤما عن سابق أجساد علي طالب.

وفي عمل آخر يذهب الجسد إلى فعل ثنائي في ارتباط كوني بين الجسد الأنثوي والجسد المذكر، حيث يبدو المشهد أكثر رومانسية عبر عدة عناصر منها المظلّة وطبيعة العناق والتقارب بين ما هو مؤنث وما هو مذكر، وتتحقق الرومنسية عبر حركة الانحناء في رأسي الرجل والمرأة عبر تداخل ناعم وحنون.

ذلك الجسد الأنوثي الذي يتحقق في كيانية جسدانية وفكرية تعبر عن مشاربه الوجودية الأولى،  حيث الاحتواء والتشابك الليّن بين الجسدين، كما لو ان الجسدين في مشهد إثنوغرافي خاضع لحالة عاطفية شديدة الخصوصية، فالمرأة تحتمي في غالب وجوده بزينة وزخارف من الزهور اللافتة كما لو انه قناع مشهدي واحتفالي في ذات الوقت.

استطاع الفنان علي طالب عبر رحلته الطويلة أن يختبر موضوعة الإنسان بكل ما تحملة المفردة من معنى ودلالة، فحينا يتحول الانسان إلى شيفرة ترسل تعبيرا إيمائيا ومتماهيا مع الموضوع، فتجربة علي طالب تستمد وجودها من ثقافة الفنان وبيئته الأولى التي شكلت خزانً بصريا له،  وهي بمثابة الشاهد على هواجس الفنان ومعانات الفرد في تفاصيل حياتية مليئة بالهزائم.

تجربة لافتة تستبطن الأسرار والأسئلة في حياة الكائن،  تشخيصة قائمة على التخفي والظهور، سيرورة مشفّرة ومتواصلة تنبع من حيّزها المأساوي.

لذلك لا يمكن قراءتها بمعزل عن تاريخ المنظومة الإحتماعية التي ولدت فيها، بكونها مادة ذات سلطة كبيرة على مخيلة الفنان، تلك السلطة التي تتجول في الفنان لتأخذ أشكالا عديدة في وجودها الجمالي، وتسجل بصورة ايمائية قضايا كبيرة بمنطق الاختزال العميق المرتكز بالدرجة الاولى على فلسفة الفنان ووعيه.